هاذي القطرات-خالد كروان (المغرب)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
شعر

هاذي القطرات

  خالد كروان    

القطرات هناك
و الماء يغلي هنا
البرد هناك
و الدفء هنا
أأتوضأ؟
أأصلي؟
هناك أم هنا؟
السقف من ماء
و السماء قطرات
ثقيلة و رزينة
داعبت وجهي لأفيق
الليل هنا و هناك
وضعت وعاء الحليب على النار
فكرت أن أكتب قصيدة
أن أغسل ملابسي أيضا
فكرت أن أنام
لكن، كان علي الرحيل
لم أتناول إفطاري
و لم أراجع أشعاري
نظرت إلى الخلف في تساؤل
أأترك صديقي هناك؟
الحليب لم يغلي بعد
هو يحتاج أن يشربه
لكن قوس قزح كان بانتظارنا
كلانا كان على عجل
خرجنا
بعيدا عن القطرات.
كان الدرب أضيق من العادة
فتح صديقي المظلة
ينتظر القطرات
كان يمشي بجانبي
لكنه كان لا يزال هناك.
الكلاب تنبح
تعض
لا تؤذي أحدا
الأحمر شائع
لكن الأزرق أجمل
باب القدس مغلق
امرؤ القيس لم يعد
الغاوون في انتظاره
ينتظرون القطرات
هل يمكن أن يٌسرق البحر؟
أن يغير لونه
أو شكله؟
و لو بالرياح العاتية
و لو بغضب الشعر القاتم
و لو بالقليل منه
و لو ببضع قطرات؟

تكلمتْ كثيرا
فقد أهينتْ
أما أنتِ
فتقفين في شموخ
شَعرك جميل
جسدك جميل
و ابتسامتك أجمل
لن تخترقك الإهانة
تردين عليه في وقار جميل
شفتاك لا تكاد تفترقان
أحببت كلامك
أعرف أنك هنا
لا هناك
لكنك ستحبين هاذ القطرات
تضحكين معهم
تكلمينهم
بلغتهم
لوهلة
و تتأسفين لوهلة
تتناسينني فيها
تفكرين
"هل تناسبك القطرات؟"
لم تجيبي على هذا السؤال
تحتاجين أن تجربيها
في مكان آخر
حيث الماء بخار
هل جربت أن ترقصي؟
مشيتك لا تدل على ذلك
قد تعرفين
من يدري؟
أريد أن أعرف
سأتحدى صمتك
فأنا مجنون كالقطرات.

بالطاس الذهبي
 أتلقف القطرات
بالصدر الرحب
بكل الحب
لكن صداها يزعجني
كصدى الحنفية البالية
لا تقدر على الاحتفاظ بها
رذاذها يغلق عيناي عنوة
عددتها
فكانت سبعون
بعدد ومضات عيناي
و يأتي غداة
و الكرم باد على سحنته
لم يخدعني
كلمه صديقي قائلا:
هل تعرف منطق القطرات
فعرفت أنه لم يخدعه أيضا
هو كريم في القطرات
لا في منطقها
قال:
تأتي حياة
و تمضي حياة
و لا تبقى إلا الذكريات
منطق القطرات يخالفه الرأي
و أنا مؤمن به

حل ضيف جديد
صديقان يسعيان خلف القطرات
البرد يحذرهما
و التلفاز أيضا
ابتسمت لهما
فهما لا يعرفان
أن هاذي القطرات
مآلها إليه
إنها
ينبوع حياة "رينوفا"
فينق يحترق في غمرة "أيلول"
و يأتي السكون
أتنفس بعمق
فأحس بوجود ياسمينة
قطوفها حزينة
لكنها تقف في شموخ أيضا
بدأت أحب النساء
و بدأن يبتعدن عني
أيكرهنني؟
أيفرن من رائحة الياسمين؟
أيختبرن عشقي للمرأة؟
لكنني لا أبالي
ما دامت ستجمعنا الليالي
تحت القطرات.

شاعر أوحى إلي
أنه المطر
لكنني أقول
أن هناك فرق بين المطر و القطرات
القافلة تمشي
الحافلة أسرع
و المعاناة نفسها
ليس المهم أن نصل
المهم ما ينتظرنا هناك
صديقي يبحث عن القطرات
عن شيء محدد بها
عن فيض السماء
أعرف ذلك لأنني مثله
أحب أن أبحث في القطرات.
سنسافر بعد يوم
أو شهر
أو سنة
لكل زمنه
فالوقت هنا
قطرات
عرفني ببيته
طلب مني أن أنتظر عند الباب
لم يتأخر كثيرا
منحني وعاءه
نفس الطاس الذهبي
نفس الكمية من القطرات
نظرت إليه
يمسك كتابا بيمينه
و قطعة خبز بيساره
لم يكن كلامه واضحا
كان يمضغ تعابيره في عجل
قلت له:
لدي مثل هدا الطاس بالبيت
قال:
اخلطهما إذا
لنشرب نخب القطرات

عندما نعود
تنعدم القطرات
لكن الفيض يبقى
الفيض بداخلنا
و القطرات
هي ما تجعل سطح الماء يموج
مع كل قطرة تنزل
خطوة للعروج
مع كل نبض
انتشار
الوجوه تتغير بالقطرات
كما لو كانت تغسل من آثار النهار
لماذا لا أستطيع أن أغير وجهي إذن؟
هل أنا طاهر؟
القطرات قد تزيل الغبار
لكنها لن تزيل الكذب
فيض السماء قد يفعل
لذلك سأذهب للأرض الفاضلة
بحثا عن ينبوع الحياة
لا عن القطرات
هناك الإنسان صلصال
إما أن يلتقط الفيض
أو تخترقه القطرات
كما لو كان هواء
عندما تبزغ الشمس
ينتهي زمن القطرات
أعرف ذلك
لأني أحس بالدفء
دفء مادي يزعجني
يجعلني أعود للبرد
بحثا عن الفيض من جديد
كل شيء يعود كما كان
إلا القطرات
لن تعود للسماء
لن تعود للحياة
سأطير
كي أصبح هواء
كي أصبح ذكريات
كي أصبح
جزءا من هاذي القطرات.



 
  خالد كروان (المغرب) (2009-10-24)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

هاذي القطرات-خالد كروان (المغرب)

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia